جامعة عبد المالك السعدي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان |
شعبة االلغة الإسبانية وآدابها |
السنة الثانية من االسلك الأول |
السنة الجامعية : 1999 - 2000 |
الرواية والنقد الروائي
1- تعد الرواية مادة مشخصة للعالم ومجالا خصبا لدراسة المجتمع جماليا وإبراز تناقضاته وصراعاته التي تضطرم داخله. كما أنها تستجلي بواطن الأفراد، وتكشف عن البواعث الدفينة للسلوك الإنساني، غير عابئة بحصر موضوعاتها أو تقنينها. فهي تكاد تكتسح كل المظاهر والموضوعات التي يزخر بها العالم، لتشكل بذلك فضاء لتكون المعنى الإنساني، ولتشخيص كل أشكال الحث والتآكل اللذين تتعرض لهما الكينونة الإنسانية .وتسعى إلى أن تعبر عن نفسها من خلال الفعل وللغة.
لم تستكمل الرواية، من حيث كونها جنسا أدبيا، بعد تكوينها النهائي كما هو الحال بالنسبة للأجناس الأدبية الأخرى. ومن ثمة يمكن أن نعتبر ما قد سطر حولها، مجرد مقاربات أقرب إلى الاحتمال منها إلى التحقق النهائي أو التام1. وإذا كانت أسس ومعايير هذا الفن السردي قد اقتربت من الاستقرار عند أهل الغرب، نظرا لتاريخها الطويل هناك، فإنه يثير على العكس من ذلك أكثر من سؤال حول نشأته عند العرب.
يمكن أن نرجع البدايات الأولى لهذه النشأة إلى أوائل هذا القرن، وإن سبقت هذه المرحلة، ترجمة بعض النصوص الروائية الغربية2. بيد أن ما يمكن تسجيله في هذا الصدد، هو ذلك الصراع الذي ظهر بين المثقفين العرب، عند استقبالهم لهذا الفن الوافد عليهم من أوروبا، بحيث توزع اهتمامهم به بين القبول والرفض والتردد بين ذلك. ولقد كان من الطبيعي أن يكون ´´الموقف من الرواية -كفن جديد- بعدا أخر للموقف الاجتماعي والثقافي من الجديد ككل، مثلما كان طبيعيا أن يكون المجددون والشعبيون في المجتمع والثقافة من دعاة الرواية / يعقوب صروف، وفرح أنطوان ونقولا حداد/ وأن يكون التقليديون والرسميون من أعدائها / الرافعي أو من الذين لا ينظرون إليها بعين الرضا والاحترام / العقاد3.
وهكذا توزع اهتمام المثقفين العرب بالرواية بين الرفض والقبول. ويعكس هذا التوزع صراعا مريرا في المجتمع العربي بين الثقافة التقليدية بكل أشكالها الموروثة، وأنساقها الأسلوبية والبلاغية، ورؤيتها التقليدية، وبين ثقافة جديدة بدأت تتأسس تحت ضغوط الاصطدام بالغرب، خالقة بذلك، أشكالها القادرة على التعبير عن الواقع العربي الجديد. وهكذا نجد "عباس محمود العقاد" يعتبر الرواية أقل قيمة من الشعر، ولا يعدها فنا يعكس على نحو سر ثمار العقل4. إنه نفس الموقف الذي نجده كذلك عند "أحمد حسن الزيات"، الذي رفض أن تنشر مجلة الرسالة التي كان يتشرف على إدارتها، "القصص والرواية معللا موققه بالاعتماد حجج تعود أصلا لما هو أخلاقي. بل إننا نلاحظ أن موقف حسن الزيات يتسم بالاضطراب، ففي الوقت الذي يجعل مجلة الرسالة مغلقة أمام هذا الفن الجديد، يعمل على !نشاء مجلة تحمل اسم الرواية"5 وكأننا بحسن الزيات وهو يعمل على إنشاء حاجز بين المنبرين، قد توجس خيفة من انتقال العدوى من أحدهما إلى الآخر. لقد كان في الحقيقة بعمله هذا يهدف إلى التوفيق بين مطلبين مختلفين لفئتين مختلفتين من القراء. فمن جهة كان ينصت إلى اهتمامات قسم من الجمهور والى ضغط متطلباته، ونهم شهيته إلى الجديد في عالم الأدب وأجناسه، ففتح له منبره الخاص به. في نفس الوقت الذي كان يهتم فيه بالمحافظة على الجزء الآخر من الجمهور الذي لم يكن ليقبل أن " تدنس" مجلة الرسالة بإقحام عناصر أدبية جديدة من شأنها أن تشوش على الثقافة التقليدية التي كانت تتعرف على نفسها في هذا المنبر. ولا يعكس هذا الأمر-في نظرنا- موقفا انتهازيا لحسن الزيات، بل لا يعدو كونه مجرد تعبير واضح عن تأرجح الثقافة العربية في تلك الحقبة بين القديم والجديد وصراعهما عليها6. وفي هذا الإطار، يمكن أن ندرج كذلك المقال لذي نشره عبده في جريدة الأهرام في شهر ماي من سنة 1881، الذي عرض فيا إلى ميل ا لقراء إلى كتب ا لتاريخ والمقالات الأخلاقية والروايات. ولقد أدرج حمد عبده ضمن الروايات التي كان يسميها بالرومانيات، كتبا من مثل: "كليلة ودمنة، وفاكهة الندماء، ومرزوبان نامه وتيليماك"7 ويمكن أن نستنتج من هذا أن شيخنا، لم يكن ليميز ما بين طبيعة السرد العربي وبين خصوصية الرواية كما هي في أوروبا. ولعل في هذا كذلك ما يؤشر ضمنيا على أول موقف حاول أن يجد للرواية امتدادات متأصلة في التراث السردي العربي القديم.
ونجد عند "مصطفى صادق الرافعى"، بوصفه "آقوى من خاض معركة القديم والجديد في الأدب العربي الحديث"8، موقفا من الرواية، يتخذ فيه شكلا أخرا لمحاربتها. فرفضه لها ذهب به إلى مقاومة كل تجديد فنى بالإلحاد. وفي ذلك يقول : ´´شاع أدب القصة في أوروبا. وطغى عندهم على المقالة والكتاب وديوان الشعر جميعا. فقد قام عندنا المتابعون في الرأي، والمقلدون في الهوى والضعفاء بطبيعة التقليد والمتابعة. قاموا يدعون إلى هذا الفن من الكتابة. ولا يرون من لا يكتب فيه إلا مدبرا عن عصر´وأدبه. لا جرم إذا كانوا هم أنفسهم مدبرين عن الحقيقة ومعنى الحقيقة9. يتضح من هذا مدى حدة الصراع بين المتشبثين بالأجناس الأدبية القديمة، وبين الدعاة إلى جنس جديد، الذي هو: الرواية. وليس من غريب الصدف أن تصبح تهمة التقليد في هذا المجال، سلاحا يشهر على كل فريق في وجه الآخر. فالرافعي رأى في القصة -والقصة تعني عنده الرواية أيضا- أسلوبا في التعبير يدبر عن الحقيقة، ليهدم صرح اللغة العربية وأمجاد القيم التي ورثها العربي عن أسلافه وتشبع بها وحين يصف كتاب القصة بالمقلدين، فإنه يقصد بذلك مجاراتهم للآداب الغربية وقيمها وأخلاقها، مما قد يؤدي في نظره إلى إهمالهم للأصالة العربية في هذا المضمار. والمجددون عندما يتهمون من مثل الرافعي بالتقليد، فإنهم ينكرون عليهم انغلاقهم على آدابهم القديمة وعدم إصغائهم لقلب العروبة الذي شرع ينبض في مطلع هذا القرن، بالجديد في الآداب والفنون وغيرها من الميادين الأخرى10.
ولقد سار "عبد الله عنان" في نفس اتجاه منكري هذا الفن الجديد. فلقد اتهم كتاب القصص المحدثين بالإساءة إلى اللغة العربية، وبانعداو الخيال الشائق عندهم، وافتقارهم لروح التعبير القوي. ولقد كان ينطلق بموقفه هذا من تصور للقصة يقوم على ما يمنحه التراث العربي من أشكال سردية اعتبرها نموذجا للتعبير عن المجتمع العربي وقيمه. ومن ثمة، فلم يكن عنان ليرفض القصص مادامت تشكل كنزا من كنوز ذلك التراث، ولكنه كان يرفض مجاراة الغرب بتقليد أشكاله القصصية.
وبعد تمكن الرواية من دخولها إلى الثقافة العربية وسيطرتها على ذوق القراء وتكون حساسية جديدة بشأنها بينهم وبين مبدعيها، اضطر الصراع المذكور إلى لبس لبوس مغاير. وهكذا تحول هذا الصراع، من تثمين هذا الفن والتساؤل عن جدواه وعن قيمته، إلى تبرير شرعيته ومحاولة تأصيله في التراث الفني العربي. وبذلك انتقل الصراع إلى محتوى الرواية بالقول بامتداداتها في هذا التراث. وغني عن البيان ذلك يعني مما يعنيه، ضرورة وصل ما استحدث بأصله على صعيد المحتوى، القيمي الذي، حمله الرواية، التي لم يعد يجدي رفضها لذاتها. لذلك ارتأينا أن تعرض فيما يلي لبعض مظاهر تجليات هذا الصراع فيثوبه الجديد.
2- يرى "فاروق خورشيد"، أن الإنتاج الروائي العربي المعاصر يصل إلى درجة من الاصالة تجعل من المذهل حقا أن يكون هذا ا لفن وليد عشرات السنين فحسب"11. وإذا كان خورشيد قد تصور آن ظهور هذا الفن الروائي عند العرب لا يمكن حصره في زمن محدد وقصير، لينتصر بذلك لقدمه في التراث العربي، فإن "علي عبد الحليم محمود"، يتجاوز ذلك ليحدد بدايته في إنتاج محدد. وفي ذلك يقول بأن:´´الرواية في الأدب العربي نستطيع أن نتعرف عليها منذ أن ألفت قصة عنترة في أواخر القرن الرابع الهجري، بل نلمس الرواية في كثير من أيام العرب وأخبارهم قبل الإسلام، تلك التي تناقلوها بعد الإسلام...12" غير أن موقف التبني هذا سرعان ما واجهه المجددون الذين حاولوا إرجاع نشأة فن الرواية في الوطن العربي، إلى مرحلة اصطدامه الحضاري بالغرب. وهم بذلك يتوخون الإشارة بصفة ضمنية إلى علاقة هذا الشكل الأدبي الجديد، بواقع عربي مغاير وجديد كذلك، كان لا بد وأن ينعكس على محتوى هذا الشكل ومضامينه، بالإضافة إلى أشكاله بطبيعة الحال. ويمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر، "بطرس الحلاق" الذي ذهب في هذا الصدد إلى أنه :´´لا يختلف إثنان في أن الرواية العربية نشأت في العصر الحديث فنا مقتبسا من الغرب، أو متأثرا شديدا13.
وفي نفس هذا الاتجاه ذهب كذلك "عبد الكبير الخطيبى" إلى أن : الرواية والمقصود بها، الرواية العربية ا التي ولدت في أحضان البرجوازية الغربية وترعرعت معها بانتقالها إلى أجواء ثقافية أخرى، تعرضت لوضع معين فعبرت عنه بطريقتها الخاصة" 14.
إن تناول معضلة نشأة الرواية العربية، يضطرنا إلى التعريج على نشأة فن الرواية في الإبداع الإنساني بصفة عامة، ما دام العام لا ينفك عن الخاص، والعكس صحيح. يرى ´´جورج لوكاتش´´ بأن ا لرواية هي النوع العصور ا قديمة، ومن ا لعصور الوسطى ومن الشرق تمت ببعض صلات القربى إلى الرواية، لكن السمات النموذجية للرواية لا تببرز إلا حيز الوجود إلا بعد أن نصبح الرواية ا لشكل التعبيري للمجتمع البرجوازي "15 كما أنه قد:´´نولدت الرواية، من وجهة نظر المضمون، عن الصراعات الإيديولوجية التي خاضتها البرجوازية الصاعدة ضد الإقطاعية الغاربة شمسها´´16. والنصان من الوضوح بحيث أنه يغنياننا عن أي تعليق أو شرح.
وضمن عدة نقدية مغايرة لعدة لوكاتش -وإن تقاطع معه في بعض عناصر تصوره العام للرواية -17، ودون أن ´´يغض الطرف عن الأبعاد التاريخية والمجتمعية التي بلورت الرواية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين"18، لم يربط "ميخائيل باحتين´´ بين ولادة الرواية بالغرب وظهور`الطبقة البرجوازية ´´المعتمدة على إبرا ز الفردية وقيمها19. لذلك حاول أن يجد للرواية أصولا في ا لثقافة الشعبية، ومكونات نصية في النصوص السردية الإغريقية والرومانية، ´´وكذلك في روايات´´العصور الوسطى"20 وإجمالا، فلقد ظهرت الرواية في الغرب نتيجة هذه العوامل كلها ونتيجة عوامل أخرى يمكن أن نؤشر عليها دون تفصيل، في ارتباط نشأة ا لرواية ا لغربية بمجتمع القراءة، ونعني بذلك تطور إنتاج الكتاب والصحيفة من حيث كونهما وسيلتين لنشر وتعميم الإبداع والمعرفة، والتعبير عن مختلف الحساسيات الجديدة المواكبة للتطور العام للغرب في القرنين التاسع عشر والعشرين.
بعد هذا التعريج الذي اقتضاه منا الموضوع، نعود لتناول إشكالنا الأساسي، والمتعلق بنشأة ا لرواية في العالم العربي، وإمكانية الحديث عن وجود أصول لها في التراث العربي القديم. يمكن أن نرجع نشأة الرواية، عند العرب إلى عوامل عديدة ومتنوعة. منها ما يمكن أن نرجع نشأة الرواية عند العرب إلى عوامل عديدة ومتنوعة. منها ما يمكن أن يعتبر نظيرا للعوامل التي أدت إلى نشأتها بالغرب المذكورة سالفا، اللهم فيما يتعلق بعلاقة الرواية بالطبقة البرجوازية، فلم يقتصر إنتاج الرواية واستهلاكها بالوطن العربي على فئاته البرجوازية. غير أن هذا الأمر لم يمنع من أن تجيئ "الرواية العربية الحديثة قريبة في أشكالها ومضامينهامن الرواية الأوروبية، لأن الفلسفة الاقتصادية والاجتماعية الموجهة للنهضة العربية تدور في فلك الصورة العامة للمجتمعات الغربية رغم استحالة تحقيق النتائج نفسها"21.و لسوف تظهر الرواية العربية نتيجة عوامل أخرى تتعلق بمختلف التحولات التاريخية والاجتماعية التي سيعرفها العالم العربي بفعل لقائه بالغرب واصطدامه بحضارة ومكتسباتها الأدبية. ولقد تم ذلك من خلال البعثاث -العلمية والأدبية العربية إلى أوروبا، ومن خلال تحريف القصص الغربية وترجمتها واختصارها22، استجابة لحساسية أدبية- عربية جديدة ستفتح الباب على مصراعيه لظهور عدد من الروائيين العرب، وعدد يستعصي على الحصر من الروايات العربية.
أما دعاة تأصيل الرواية في التراث العربي القديم، فيبدو بأنهم كانوا يستجيبون بهذه الدعوة إلى همومهم الوطنية والقومية أكثر مما استجابوا بذلك -في نظرنا- إلى دواعي علمية ونقدية خالصة، عبر بحثهم عن هذه الخصوصة المزعومة فصحيح أن العرب كانوا ´´يعرفون القصص المقترنة بالأحاجي. وكانت ترد في أشعارهم بعض الصور القصصية كتلك التي كانت ترد في شعر عمر بن أبى ربيعة ولعلهم عرفوا بعض القصص المطولة، التي كانوا يروونها أولا، ثم دونوا بعضها ثانيا، وهي التي كانوا يسمونها بأيام العرب (...) وهناك القصص التي كانت تستخلص منها العبر التي تضرب لبني الإنسان، وعلى رأس ذلك كتاب كليلة ودمنة المشهور"24. ولا يمكن أن ننكر بأن الموروث الشعبي العربي القصصي، احتوى بعض أسس التعبير الروائى. كما أن ذات.الموروث وجد من الروائيين العرب من استلهمه ووظفا وأفاد منه في روايته25. غير أن هذا الموروث على ما يتضمن من أصالة ومن طرافة، فإنه لا يمكننا أن نحمله في هذا المضمار أكثر مما يمكن أن يحتمل. فالقصص التي تمرس عليها العرب قديما -على اختلاف أنواعها وأشكالها- لم تتبلور طبقا لقواعد فنية مماثلة لقواعد الرواية العربية الحديثة من مثل: الحبكة والشخصيات والوصف والحوار والتعليق والمونولوج وتعددا لرؤى وبؤر السرد..ا لخ التي تعبر عن ذاتها بواسطة أساليب مختلفة، ما فتئت تتطور بتطور الأجيال والمدارس والاتجاهات الفنية، متميزة بذلك عن بقية الأجناس التعبيرية الأخرى بطابعها الجدلي والمفتوح 25م "فلما كانت الرواية هي الجنس الوحيد الذي هو في صيرورة ،فإنها تعكس بعمق وجوهرية وحساسية أكثر، وبسرعة أكبر،تطور الواقع نفسه :فوحده الذي يتطور يستطيع أن يفهم تطورا ما26.
1-1 عن الرواية المغربية :
تعتبر الرواية المغربية مثل نظيراتها في الغرب والشرق، جنسا أدبيا يهدف إلى مقاربة الواقع المغربي في تناقضاته وصراعاته الاجتماعية ويعبر عنه، في نفس الوقت الذي يتحول بتحولاته، ويصير وفق صيرورته. ولقد ظهر هذا الجنس في الأدب المغربي الحديث عندما عرف المغرب تحولات اجتماعية وثقافية نوعية، ابتداء من الأربعينات من هذا القرن. ولقد تم ذلك عندما ظهرت فئات اجتماعية برجوازية متوسطة´´27، لتقود مشروع التحرر والتحديث، ولتعبر عنه جماليا بواسطة فنون أدبية متعددة، توزعت بين المقالة والشعر والقصة والرواية.
ولقد استطاع هذا الجنس الأخير -بوصفه فنا يستطيع تضمن فنون أخرى وتركيبها في وحدة منسجمة غير متنافرة– تجسد الهموم الجديدة لتلك الفئات الاجتماعية، وكذا ألامها وأمالها وطموحاتها في بناء مجتمع جديد.غير أن هذا الجنس الأدبي، اتسم في بداياته بالبساطة في تقنيات ووسائله ورؤاه وآبعاده الفنية. ويرجع ذلك إلى القدرات الثقافية والإبداعية للمبدعين الذين مارسوه، وللمتلقين المعنيين به.
كما أن هذا الجنس، نما في أحضان الثقافة المغربية التي كانت قد حددتها عوامل سياسية واجتماعية متعددة، من دون أن توفر لها إمكانية الاتساق والانسجام إلى أبعد الحدود. لذلك توزعت هذه الثقافة بين تيارين. ثقافيين أساسيين: اعتمد أولهما السلفية النظري والوطني والاجتماعبية28. لذلك استمدت الرواية التي أبدعها من التاريخ مادتها، مثلما اتخذت من المقالة أسلوبا في كتابتها، نظرا لما يوفره هذا الأسلوب من فرص لتكليم الصوت الأخلاقي بوصفه ضميرا لتلك القئة الاجتماعية التي تهدف إلى تبني والسيطرة عليه اعادة الواقع وفقا لذلك. لذلك لم يكن بطل روايات هذا التيار تيار مستقلا يحتمى بفرديته، بقدر ما كان إطارا تمرر عبره لحظات التاريخ. ولقد ظل التاريخ في رواية هذا التيار محددا زمنيا الاحتلال، وظهور الحركة الوطنية، والتحولات الناتجة عن ا لكفاح الوطني، ومشاكل الاستقلال. وهذا الشعور بالقيمة الماضوية للتاريخ تبلور علىشكل سير ذاتية. كما هو الحال مثلا في ´´في الطفولة ´´لعبد المجيد بنجلون29، وفي ´´سبعة أبواب´´ لعبد الكريم غلاب 30. ولم يكن هذا التيار يرى التاريخ إلا بمنظار إيجابي، يحقق فيه الفرد بطولته. ويمكن التمثيل على ذلك برواية ´´دفنا الماضي31، ورواية ´´المعلم علي´´32 لغلاب كذلك. كما تطرق هذا التيار الى مرحلة الاستقلال، وما ترتب عنها من تحولات. كما هو الشأن في روايات: "المخاض "لأحمد السباعى البكري33، و´´جيل الظمأ لمحمد عزيز الحبابى34.
أما التيار الثاني الذي عني بكتابة الرواية المغربية ، فلقد جعلت رواياته من الواقع الاجتماعي لحقبة ما بعد الاستقلال، موضوعا مفضلا، لها ، وذلك بغية تعرية العلاقات- الاجتماعية بالمغرب، وتبئير أشكالها المتناقضة . ويمكن أن نمثل على ذلك، بروايات´´المرأة والوردة ´´ و´´قبور في الماء " وبيضة الديك" و"الأفعى والبحر" لمحمد زفزاف 35 والطيبون لمبارك ربيع36، وإملشيل" لسعيد علوش37، و"الغربة واليتيم" لعبد الله العروي 38، "ولعب النسيان" لمحمد برادة 39، و´´أيام العدس ´` لياسين بهوش 40، نو´´أحلام بقرة ´´ لمحمد الهراذي41، و´´عين الفرس للميلوذي شغموم.42،الخ ..
ولقد ظل هذا التيار الأخير يستمد مادته من الواقع الاجتماعي للمغربعلى اختلاف مواصفاته، وطرائق مقارباته. غير أن مختلف هذه الطرائق، لم تكن تهدف إلى إيجاد سند تبريري لوجود فئة ما، بقدر ما كانت تروم نقد المرتكزات التي قامت عليها بنية الرواية التي مثلها التيار الأول. لذلك وجدنا الصوت المقالي يتراجع نسبيا عن أعماله، فيتراجع معه التوجيه الأخلاقي، ليحل محله السؤال بوصفه الغاية الأساسية للرواية الجديدة. وهكذا ستخضع هذه ا لأخيرة كثيرا من ا لقيم ا لتي كانت تعتبر من المسلمات عند التيار الأول، للمراجعة بمساءلتها وإعادة النظر ونقدها. ويمكن أن نلاحظ كذلك، بأن بطل هذه الروايات لم يعد مجرد إطار لتمرير فكرة التاريخ أو الكاتب، بل أصبح شخصية مستقلة تحمل معها تناقضاتها وتناقضات الواقع المغربي العام. كما أن الأسلوب الروائي سيعرف مع هذا التيار الثاني، منعطفا جديدا سيتمتل في الاتجاه نحوا لمقامرةبتجريب أشكال جديدة للكتابة الروائية. ولاغرو في ذلك، فالكتابة تختلف باختلاف قدرة الكاتب على مواكبة مستجدات صيرورة الواقع الذي ينصب عليه إبداعه من جهة، وعلى مستجدات صيرورة ا لفن الروائى من جهة ثانية، عبر اطلاعه وتمثله لآخر مكتسبات هذا الفن الشكلية والبنائية.
1-1-1- المناهج التي اعتمدت في مقاربة الرواية المغربية :
اتخذت البدايات الأولى لتناول الرواية المغربية شكل مقالات تناثرت بين صحف ومجلات متعددة، وشكل فصول خاصة من بعض المؤلفات النقدية التي عينت بالرواية ضمن اهتمامها بفنون أدبية أخرى من مثل القصة والشعر، وغير ذلك. وبالإضافة إلى هذا الأمر، فلقد كانا لناقد المغربي يوزع اهتماماته – بالإضافة إلى هذا النقد - بين كتابة القصة والشعر والرواية والتاريخ والمقالة السياسية. ويمكن في هذا الصدد أن نعتبر عبد الكريم غلاب نموذجا دالا على ذلك. فلقد استقطب النقد الأدبي جزءا من اهتماماته التي انصبت كذلك على الإبداع القصصي والروائي، والكتابة التاريخية والسياسية والاجتماعية ويمكن في هذا الصدد آن نرجع تأخر تكون رصيد نقدي بالمغرب خلال الستينات من هذا القرن ومراكمته، إلى هذا التوزع بين تعدد هذه الاهتمامات، والى تشتتها.
بالإضافة إلى ذلك، فلم يكن يعني عند البعض ممارسيه، أكثر من تجريح وتقريض، يتمان خارج أية استرتجية لإنشاء أي مشروع للنقد الأدبي لأن الأدب المغربي الحديث، لم يشتد في نظرهم، عوده من بعد ولذلك فإن´النقد في ظروفه الحاضرة يسئ إلى الأب أكثر مما إليه [...] فمن الضروري أن نتركه ينمو ويزدهر ون أن نعرقل مساعيه بالنقد."
43ولن يتخلص النقد من هذه المعوقات إلا في بداية السبعينات نتيجة للدور الريادي الذي قامت به كل من الجامعة المغربية، والمؤسسات الأدبية المتمثلة في الجمعيات الثقافية ودور النشر والصحف والمجلات، في شحذ الاهتمام الثقافي والمعرفي، وفي مواكبة ا لتطورات الحاصلة في مجالات المعرفة بالغرب. وهكذا سيعمل الجيل الجديد من ا لنقاد، على، الاستفادة من المناهج النقدية الجديدة، والإبستمولوجيا الخاصة بالأدب، لتطوير ا لتعامل مع النص الأدبي، تحت طائلة الاستجابة للاهتمامات الجديدة التي كانت تبرز في مجال الثقافة والمجتمع على السواء. هذا الجيل على محاولة تمثل مناهج النقد الأدب المغربية، والاستفادة من تاريخها الخاص كذلك. فلقد شهدت هذه المناهج بدورها صراعا مع ربيبتها التقليدية.فهذا ´´غستان لانسون Gustave Lanson كان بطمح إلى´´جعل النقد الأدبي فصلا من التاريخ العام ..."
44 أو وسيلة للتعرف على الكاتب كما هو الأمر بالنسبة لسان بوف الذي كان يرى كذلك: ´´بأن الدراسة الأخلاقية للسجايا في حالتها الراهنة ، تماثل ،حالة علم ا لنبات قبل ´´جوسيو´´، وسيأتي في أحد الأيام ناقد قوي الملاحظة ومصنف طبيعي للعقول45. ويعتبر ´´هيبوليت تين من أهم ممثلي في الاتجاهات النقدية التقليدية. فالأدب بوصفه فعلا للكتابة، يرجع عنده إلى الصفة الخاصة بكل كاتب، التي تعود بدورها إلى خصائص عرقية –نفسية وأخرى بيئية، و"إلى لحظة التاريخية لتكيف العقلية الجماعية46. ولسوف يزعزع هذه التصورات الأدبية الغربية للنقد التقليدي، النقد الغربي الجديد، الذي أجمع على اعتبار النص وحدة مركبة من علامات، وعلى ضرورة الاهتمام بتحليله الداخلي. غير أنه اختلف في تحديد مستويات التحليل وطرقه، بحسب اختلاف التصورات الإبستمولوجية التي يتطلق منها.لقد أدت استفادة المحاولات النقدية المغربية من هذه المناهج ا لأخيرة، إلى بروز اتجاهات نقدية مختلفة، من مثل الاتجاه الاجتماعي التاريخي، والاتجاه البنيوي التكويني، والاتجاه السيميائي. ويمكن أن نقف على مدى تمثل النقاد المغاربة لهذه المناهج، وعلى كيفية تناول الرواية المغربية على ضوئها، من خلال الكتب النقدية لكل من´´إدريس التاقوريو.´´عبد الفادرالشاوي و´´نجيب العوفي´´ وحميد الحميداني´´. كما أنه يمكن تناول الاتجاه السينيمائي – الذي ما فتئ جنينا بالمغرب – من خلال مجهودات من محمد مفتاح، ومحمد السرغيني، وسعيد بنكراد، ومبارك حنون.
إدريس الناقوري: المصطلح المشترك. وضحك كالبكاء :
يستخدم إدريس الناقوري في كتابه: المصطلح المشترك، المنهج الماركسي في صورته الميكانيكية. فلا يهتم بالخصوصية الفنية للعمل الأدبي، بل يركز على بعده الإيديولوجي. لذلك يحاكم النص وصاحبه، فلا يفرق بين شخصية الروائية وشخصية الكاتب. فعندما يذهب إلى أنه "من حقنا أن نتساءل كيف لم ينتبه أولائك الذين تعرضوا لرواية (...) دفنا الماضي، إلى أن صاحبها يكتب انطلاقا من مبدأ معين.
47، فإنه ينسى بأن المبدع يمكنه أن يتخلى عن موقعه الطبقي أثناء إبداعه. فبلزاك صور في رواياته المجتمع الفرنسي من خلال رؤية مغايرة لمواقع الطبقية. وبذلك يعد عمله،´´أفضل نموذج يمثل الاضطرار الذي يجد الكاتب نفسه فيه: إنه لكي يقول شيئا يجب أن يقول أشياء أخرى في نفس الوقت. لا يصدر الناقوري في هذا الكتاب عن حس نقدي وعلمي، بقدر ما ينطلق، من أحكام قيمة ومسبقة ومتسرعة، تتجلى عنده في مثل هذه العبارات:"هناك سقطات أخرى تتخلل البناء الفني لرواية المعلم علي، تسربت إليها عن طريق المفهوم المهزوز الذي يتبناه غلاب في كتابة الرواية التاريخية، والذي يتمثل بأردإ صورة في دفنا الماضي49.أما في كتابه ضحك كالبكاء، فإن الناقوري يجعلنا هذه المرة إزاء تحول نوعي في استخدامه للمصطلحات النقدية. ففي معرض قراءته لرواية: الريح الشتوية لربيع مبارك، نجده يستعمل بعض المفاهيم الإجرائية من مثل: مرفولوجية الرواية، الذي تتشكل في نظره من البنيات الأساسية والثانوية للنص الروائي، معتبرا ذلك أقل أهمية مما سماه بمستوياتا لدلالة التي تتكون عنده من : -المستوى الوصفي أو التصويري، و-مستوى الرواية أو التاريخ، و-مستوى الحديث الروائي. (وأظن أنه يعني بذلك، مستوى السرد الروائي). إلا أن هذه المستويات، ليست عند الناقوري، غير عناوين جانبية، لم ترق إلى مستوى التحليل. ومما يؤكد هذا، مستوى الكم الذي خصصه لها في كتابه. إذ كيف يمكن تحليل كل هذه المستويات في ثماني صفحات فقط. وأرى بأنه في هذا التحليل الموجز والمبتسر، ظل مبتعدا عن التحليل السيميائي الذي نص عليا الكتاب
50. فلقد اقترب إلى حد ما من التحليل الاجتماعي-الإيديولوجي، إذ ركز على منطق المقابلة بين المبدعين وواقعهم الاجتماعي والتاريخي ذلك في مثل قوله:´´ حيث أراد أن يناقش مسألة العلاقات الاجتماعية القائمة على التملك الخاص من جهة، والمعرضة للإختلال والكسر بفعل الجشع والنهب الاستعماري (...) ومن حقنا أن نناقش قضية الصدق الفني والواقعي (...) غير أن هذه التبريرات لن تحول دون طرح الموقف من زاوية أخرى. فنحن ندرك ولا شك صلة الكاتب بالتاريخ وواقعه الإجتماعي51."إن اعتماد المنهج السيميائي في تحليل رواية ما، يعني تناولها من الداخل، والانصراف عن كل ما هو خارج عن نصها. والناقوري عند تحليله للرواية: ´´وردة´´ للمديني، يستهل ذلك بقوله: ´´يمكن الانطلاق من هذه الرواية ومن كتابات المدينى الأخرى وتصريحاته لاستخراج المكونات الأساسية لهذا ا لنص الأدبي
52. فأين نحن من التحليل السيميائي ؟. ثم إن تحليل النص على ضوء الميتا- نص،لا يعتبر معيارا لممارسة التناول السيميائي للنصوص، أو لوصف تحليل ما بأنه يندرج ضمن ذلك، فهذا ا لنوع من التناول، يقتضي عدة ضوابط - سييحين ذكرها- ومنها، استجلاء البنى الأولية المنتجة للدلالة وضبط علاقتها بتمظهرات النص المجازية، خارج أية إحالة على تاريخ تكون النص وعلاقاته بمبدعه.انطلاقا من هذا وذاك، فإنه يمكن أن نسجل -خارج أي تعسف كيفما كان نوعه - غياب أي تصور متسق ومتماسك في منهجية الناقوري عند تناوله للرواية المغربية. فلقد تأرجح بين استخدام ما قال عنه بأنه المنهج السيميائي في هوامش كتابه، وبين المنهج الاجتماعي.- الإيديولوجي الذي تشي به تطبيقاته على النصوص المختلفى التي اعتمدها متنا لدراساته.
2- عبد القادر الشاوي سلطة الواقعية
يتبين لنا من مجرد قراءة هذا العنوان، المنهج الذي سيعتمده عبد القادر الشاوي. فللواقع سلطة على الكتابة الروائية عنده. لذلك تركزت تحليلاته على الرجوع بدلالات النص الى خلفياتها الاجتماعية والتاريخية. فلقد حاول في دراسته لرواية المرأة والوردة لمحمد زفزاف، أن يضع علاقة بين الكاتب وواقعه الموضوعي. لذلك بدأ بالتعريف بشخصية زفزاف انطلاقا من مولده بمدينة القنيطرة، ثم استطرد في وصف هذه المدينة، وكيف كانت ميناءا مفتوحا على علاقات التعاقد والمعاملات العديدة والمختلفة، وكيف عرفت في تاريخها بظواهر متميزة ساعدت على أن يتجسد الجنس:" تجسيدا ملموسا في إبداعه (إبداع زفزاف) وأدمجه في وعيه)
53.وبذلك تقوم قراءة الشاوي للرواية على إرساء التماثل بين الكتابة الروائية والواقع المادي، وكأن النص الروائي مجرد مرآة تنقل على نحو انعكاسي صور المجتمع، من دون أي تحريف أو تحويل لعناصر الواقع في اتجاه رؤية تجريدية خلفية تتحكم في صياغة العمل ا لروائي. إن سلطة الفعل الفني بوصفها قائمة على وجود مؤسسة أدبية لها حدودها، تتراجع عند الشاوي أمام سلطة قهرية هي سلطة الواقي المادي. غيرأنه شتان بين ما هو متعين في الحياة اليومية وبين ما يقدمه الأدب على أنه واقع كتابة يهدف إلى بناء أفاق أخرى للسؤال وللرؤية. وبذلك فلقد أنتج عب القادر الشاوي أداة وصفية في مقابل ما أنتجه الناقوري من أحكام قيمية.
3- نجيب العوفي : درجة الوعي في الكتابة :
يتعرض هذا الكتاب بالإضافة إلى الرواية، إلى أنواع أدبية أخرى مثل الشعر والقصة القصيرة والنقد. ويصرح صاحبه في مقدمته بأنه يستخدم في المنهج الواقعي الجدلي، ويروم دراسة النص دراسة داخلية. ويكفي هذا لإدراك مدى التداخلي المنهجي، إذ تتم المزاوجة بين مطلبين منهجيين خارج أي تحديد معرفي وصلب لحدود التركيب بينهما، في الوقت الذي يحتاج فيه مثل هذا الأمر إلى دقة منهجية، وقدرة على ضبط مستويات تجليهما نصيا.
في دراسته لرواية: ´´زمن بين ا لولادة والحلم´´ لأحمد المديني، اهتم بتناول الخلفية التاريخية لكتابة هذه ا لرواية. فاستنتج في بداية تناوله لها، بأن سطورها التي تفيض بالادانات والانفجارات، "تصور أزمة البرجوازي الصغير بكل دقة وبكل اقتحام أيضا "
54 .وصف لغة الكاتب، فسجل عليه هوسه الفني الذي جعله يضرب ´´في بحرا للغة بمجداف موتور على غير هدى55، فخلط بين الرواية والشعر والقصة إلا أن مثل هذه الملاحظة الأخيرة يمكن تسجيلها على العوفي نفسه ا لذي استخدم بدوره في كتاباته النقدية أسلوبا شاعريا، بحيث أن قارئه يحس وكأنه إزاء إبداع فني، وليس أمام نقد أدبي.´´إن المديني وهو يتحسس الجراح والأدواء عبر رواياته يقطر من الحين والآخر جرعات الدواء، يمسك بأطراف الخيوط التي يمكن أن تقود إلى الهدف، وتعيد إلى النسيج الفكري انتظامه، لكن سرعان ما يعود إلى الجراح والأدواء لينكأها ويتحسسها، وسرعان ما تعود الأنامل البنيلوبية لتفسح النسيج وتلهو بالخيوط"56.لقد عمل العوفي في تناوله لهذه الرواية، على إرجاع نصها إلى مرجعها لواقعي لاستخراج مضمونه، أكثر مما اهتم بمقاربته من داخله، مثلما ذهب إلى ذلك في بداية التصريح ا لسابق.
4- حميد الحميداني .الرواية المغربية ورؤية الواقع الإجتماعي :
إن أهم دراسة للرواية المغربية، هي هذه الدراسة التي توفق صاحبها إلى حد بعيد في استثمارها على ضوء المنهج الذي ارتضاه لتناولها وفق مفاهيمه وأدواته الإجرائية. ولقد استطاع بذلك أن يضمن لها اتساقا ملحوظا فيما بين نظيراتها. لقد عمل الناقد على الإلمام بالمتن النظري للبنيوية التكوينية الذي أسسه غولدمان بواسطة كتابيه مشهورين في هذا الصدد. وهما: من أجل سوسيولوجية الرواية، والماركسية والعلوم الإنسانية
57. غير أنه لم يهتم بكتاب غولدمان: أبحاث جدلية الذي يعتبر المصدر الأساس لتمثل مقولة أساسية من منهج غولدمان، هي مقولة، رؤية العالم. "إن الرؤية للعالم لا تضهر بصورة مباغتة (...) بفعل حدس عبقري، فالأمر يستلزم عددا كبيرا من الجهود الموحدة في نفس الاتجاه، والتي غالبا ما تمتد عبر أجيال متعددة ...58. كما أنه يمكن أن نلاحظ في كتاب الحميداني، الخلطة الذي وقع فيه عند الترجمة. فلقد ترجمة: Structure Mentale لبنية فكرية، في الوقت ا لذي كان يجب أن تترجم ببنية ذهنية . مثلما أن هنالك فرقا كذلك بين الإبداعCréer والإعداد Elaborer . فالحميداني استخدم "الإبداع " مقابل Elaborer التي تعني عند غولدمان في سياق كتابه من أجل سوسيولوجية الرواية: الاعداد58م.ورغم اعتماد الحميداني للمنهج البنيوي التكويني في دراسته للرواية المغربية، فإن هاجس البحث عن المضمون، جعله يقصر في الوفاء التام لهذا المنهج، إذ يقدم في سياق تحليله البطل على أنه الكاتب نفسا حين يقول: ´´ولسنا في حاجة إلى التأكيد من جديد بأن ا لبطل بو مهدي يمثل آراء، الكاتب وتصوراته للواقع"
59. كما يقابل بين مضامبن الرواية والواقع:" لذلك فعندما نقوم بنوع من المقابلة – فيما سيأتي – بين مضمون الرواية اليتيم وبين صورة الواقع المغربي (...) فإننا في الواقع إنما نقابل مضمون الرواية بايديولوجية البرجوازية الصغيرة نفسها"60. ولذلك، فيمكننا أن نكرر مرة أخرى بأن الحميدانى لم يلتزم بالمنهج البنيوي التكويني بصفة صارمة، بقدر ما انصرفت تفضيلاته الإجرائية الى طرائق المنهج السوسيولوجي الكلاسيكي.ثم إن المنهج البنيوي التكويني نفسه، بالرغم من قيمته الإجرائية فيتناول الأعمال الأدبية، وتعدد مراجعا المعرفية وعمقها - والتي تتصل من حيث كونها نظرات علمية وإيجابية عن الحياة الإنسانية ، بمفاهيم يرجع أساسها السيكولوجي إلى´´فرويد´´Freud، كما يعود أساسها التاريخي إلى كل من: ´´هيجل Hegel و´´ماركس Marx و`´غرامتشي Gramsci ولوكاتش Luhacs- اتعرض لانتقادات عديدة، وصفت صاحبه بأنه مفكر جتماعي أكثر منه ناقدا أدبيا. ولاغرو في ذلك، فلقد أطنب في جل تحليلاته النصية في الحديث عن سياقات النصوص. ثم إن عددا من المفكرين مثل: ´´جان بياجرر´´Jean Piaget ) و´´ آدورنو ´Th. W. Adorno´` إسكاربى R. Escarpet، تجاوزوا قصور لوسيان غولدمان –على حد قولهم - بالانفتاح على مكتسبات اللسانيات الحديثة والاستفادة منها. ينضاف إلى هذه اللائحة رولان بارت R. BARTH الذي اعتبر البنيوية التكوينية ضحية لحتمية آلية فالشرح الذي تعتمده يعد بالنسبة إليه غير كاف وذلك في الحدود التي تكون فيها العلاقة نفسها -ببن العمل والتاريخ- أي الدلالة غير مفكر فيها"
71.لقد حض
ي منهج البنيوية التكوينية باهتمام الدارسين المغاربة، حيت تم تطبيقه لدرجات متفاوتة على نصوص شعرية72. وسردية73.كما ترجمة بعض الأعمال التي تناولت هذا المنهج بالتحليل والتفصيل، سوا ء كانت لغولدمان او لغيره
74. غير أن النقد المغربي، لم يراكم بعد إنتاجه في هذا المنهج على نحو كاف، حتى يتمكن الدارس من تكوين نظرة متكاملة حوله.بعد تطرقنا لمختلف المناهج النقدية التي تناولت الرواية المغربية، والتعريج على خلفياتها النظرية، يحين دور الحديث عن المنهج السيميائى بوصفه منهجا حديث العهد أثار الاهتمام في المجال المعرفي بالمغرب. ولعل المتفحص لما تصدره سوق النشر من الكتب والمجلات، يدر تمام الإدراك أن هذا الاهتمام، لم يتعد بعد مجال التعريف بالمنهج إما عن طريق الترجمة والشرح أو التقريب. كما هو الشأن بالنسبة للكتاب: `مدخل الى السيميانيات السردية، ´´لسعيد بنكراد"
65. وكتاب دروس قي السيميائيات، "لحنون مبارك "66. بينما ظلت الدراسات التي عنيت بتطبيق هذا المنهج، منحصرة في تناوله عبر النصوص الشعرية، كما لحال بالنسبة لأعمال ´´محمد مفتاح ´´ المتمثلة في كتابه : في سيمياء الشعر القديم، وكتابه: تحليل الخطاب الشعري. استراتيجية التناص، وفي كتابه دينامية نص67. وكما هو الأمر كذلك بالنسبة لكتاب "محمد الصرغيني"، محاضرات في سيميولوجيا68. أما فيما يتعلق بالدراسات التي أخضعت النص الروائي للمنهج السيميائي، فأغلبها رسانل جامعية لم تنشر لحد الآن حسب حدود علمنا المتواضع.ويمكن بخصوص الدراسات المنشورة حول المنهج السيمياني سواء لتي عنيت بالتعريف به، أو تلك التي حاولت تطبيقه على النص الشعري، بلورة بعض الملاحظات المتمثلة في ما يلي: 1- لم تهتم الكتب الشرحة للمنهج، بالنضر إليه في كليته وشموليته، فهي تقتصر في بعض الأحيان على تناول الهيكل العام لهذا المنهج، دون الاهتمام بكل عناصره. ويبرز ذالك مثلا من خلال إغفال مفهوم التناظر بالنسبة لكتاب سعيد بنكراد. وإغفال مثل هذا المفهوم مع ما يتطلبه منضبط للوحدات الدلالية الصغرى المميزة للسيمات يؤدي بدون شك الى حرمان المنهج من إحدى مقوماته الأساسية. كما أن بعض الكتب لم تتجاوز العرض التاريخي لبعض المفاهيم السيميائية دون الاهتمام بمسألة المنهج. وإذا كان هذا العرض التاريخي قد أفاد ويفيد في تكوين نظرة حول تطور بعض المفاهيم السيميائية، فإنه لا يمكن من تكوين تصور شمولي حول الأنساق المنهجية التي احتضنت المفهوم الذي أخضع للعرض التاريخي. كما هو الحال بالنسبة لكتاب دروس فيا السيميائيات. هذا علاوة على ما يعترض ترجمة المفاهيم السيميائية من التباس ينعكس على استيعاب المنهج واضطراب خطواته. كما هو الحال بالنسبة لمفهوم:´´القدرة ´´ Compétence الذي ترجمه بنكراد بالأهلية
69. فإن.دلك يؤدي إلى خلط بين على صعيد تراتبية المفاهيم، خاصة إذا علمنا أن التأهيل يرتبط بوصفه مفهوما، با لاختبار التأهيلي Epreuve qualifiante الذي يعد مجالا واسعا بالقياس إلى القدرة .ب - أما بالنسبة للدراسات التطبيقية التي أخضعت النصوص الشعرية للمنهج السيميائي، فيمكن أن يلاحظ عليها بأنها قد ظلت انتقائية وتجزيئية، بحيث تغفل كلية النص وشموليته المنهجية من جهة وتضحي بالكلية المنهجية من جهة ثانية. ففي ما يخص الوجه الأول، نجد هته الدراسات تعتمد على استنطاق النص الشعري من خلال بعض مكونات المنهج ومفاهيمه غايتها في ذلك، إكساب ما تنتقيا من المنهج، مصداقية على صعيد التحليل، دون أن تبحث عن التعالق الجدلي بين النص والمنهجية. الأمر الذي يؤدي الى تجزيئ النص والقضاء على تماسكه وكليته.
أما فيما يخص الوجه الثاني، فيبرز في عدم احترام تسلسل خطوات المنهح السيميائي وتضافر مكوناته في توليد الدلالة هذا إلى جانب عدم الاهتمام بتطويع المنهج السيميائي في اتجاه خصوصيات النص، حتى يتلاءم مع جنسه الأدبي. ويزداد الأمر صعوبة حين يتم تطبيق المنهج السيمياني لا بوصفه منهجا أساسيا وقارا، وإنما من حيث كونه مفاهيم منتقاة تنتظر أن تلعب دورها إلى جانب مفاهيم أخرى ترجع إلى مناهج أخرى مختلفة ومتغايرة، دون الاهتمام بالبحث عن علاقة التصادي بين´هذه المفاهيم المستقاة من مصادر منهجية مختلفة
70.**********************
الهوامش
1- تراجع مقدمة كتاب رويير مارت،Marthes. Robert, Les Origines du roman et le roman des origines, éd, Gallimard. Paris.197
2-الخطيب. محمد كامل، تكوين الرواية العربية، دمشق.199، ص 62. والموسوي. محسن جاسم، الرواية العربية، النشأة والتحول، الهيئة المصرية العامة للكتاب.1988،ص.57
3- الخطيب. محمد كامل، تكوين ا لرواية ا لعربية، دمشق، .199، ص. 6.
4- العقاد. عباس محمود، في بيتي، سلسلة إقرأ، عدد. 33، دار المعار، القاهرة ، 1945، ص . 27-28.
5- الخطبب، س.ذ، ص. 119.
6-عن صراع القديم والجديد في الأدب العربي الحديث، ولفهم خلفياته الثقافية والفكرية في أصولها وامتداداتها العربية والغربية، تراجع أطروحة الكتاني. محمد التي تحمل نفس العنوان الذي استعرناه منها للتعبير عما يشغلنا في هذا المضمار، دار التقاقة، الدار ا لبضاء 1982 ط . ا، ج.1. ص . 14-11. 348-338. 472-473 . وكذلك، ج 2، ص 556-569.-.619.585 -592. 619-623. 650- 660. 1219 -1229.
7- الخطيب، تكوين الرواية العربية، س.ذ، ص 60.
8- الكتاني. محمد، الصرا ع بين القديم والجديد، س. ذ، ص. 1248.
9-الخطيب، تكوين ا لرواية العربية، س.ذ، ص.116.
10-الكتاتي.محمد، الصراع بين القديم والجديد، س.ذ، ص. 287. - 290. 310- 3. 403، 482-477. أما ´´عن هذا التخبط النقدي´´ بشأن ظهور الجنس الروائي عند العرب، يراجع، الموسوي. محسن جاسم، الرواية العربية، النشأة والتحول، ص ا6 وما بعدها وص.ا8 وما بعدها كذلك. والجدير بالذكر في هذا الصدد، أن عبد القادر المازني يقول: ´´إن صديق له طالعه بصراحة بأن الرواية لا تليق بمقامه. كما أنه يعزو أقدام هيكل على توقيع روايته - زينب-ب" فلاح مصري" إلى سبب مماثل "نفسه. ولقد سبق أن عانت الرواية الغربية نفسها من مثل هذا الوضع. فعلى شغف القراء الأوروبيين بالتهام الروايات، كانوا لا يعلنون عن ذلك. ويدل هذا الأمر على ما حصل بالغرب والشرق على السواء، بآن الإنسان بقدر ما يستهويه الجديد، بقدر ما تحول بينه وبين قوى المحافظة الكامنة فيه. يراجع
Marthes.Robert, les origines du roman et le roman,éd, Gallimard, Paris 1972, .p.13
11 خورشيد فاروق، في الرواية ا لعربية، دار العودة، بيروت،1979.ص.9
12.محمود. علي عبد الحميد، القصة العربية في العصر الجاهلي، دار المعارف، مصر، 1975، ص.15.
13. الحلاق. بطرس، نشأة ا لرواية بين ا لنقد والايديلوجية : في ا لرواية العربية. واقع وأفاق، دار ابن رشد للطباعة والنشر، لبنان،1981،ص .17.
14- الخطيبي. عبد الكبير، الرواية المغربية، منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي، عدد .2. الرياط ،1971،ص . 31.
15-لوكاتش جورج، الرواية كملحمة بورجوازية، تر. الطرابشي. جورج، دار الطليعة، بيروت، 1979ص .9.
16. نفسه، ص.25. لقد انطلق في الواقع هذا الجهد، من منظور فلسفي وتاريخي انصب على نظرية الرواية. ´´للوسيان غولدمان´´، من أن ينظر الى سوسيولوجية الرواية. يراجع ،غولدمان . لوسيان، مقدمات في سوسيولوجيات الرواية، تر.عرودكي. بدر الدين، اللاذقية 1993ص 13وما بعدها . والعنوان الأصلي لهذا هو:
Pour une sociologie du roman, éd , Gallimard, Paris,1964.
17. انطلق لوكاتش في تنظيره للرواية من منظور هيجيلي- ما ر كسي للإيستيتيقا. بينما انطلق باختين من داخل هذا المنظور كذ لك، ولكن عبر اطلاع نقدى على مكاسب الألسنية وأعمال الشكلانيين الروس، وبوعي تام بسلبيات الوثوقية الإديولوجية الماركسية الرسمية.
8ا-. باختين. ميخائيل، الخطاب ا لروائي، تر. برادة . محمد، دار الفكر للدراسات والنشر و التوزيع، القاهرة -باريس، 1987، ص.16.
والكتاب في الأصل ترجمته عن الروسية، داريا اوليفيني، بعنوان :
Esthétique et théorie du roman, éd, Gallimard, 1978.
19- نفسه، ص. 15.
20- نفسه.
21- يرادة. محمد،´´ رواية عربية جديدة ´´، ضمن أشغال ملتقى اتحاد كتاب المغرب عن : الرواية العربية . واقع وآفاق، ابن رشد للطباعة والشر، 1981، ص 8.
22- ففي مطلع هذا القرن عملت مجلات وكتب عديدة على الاستجابة لهذا الهم الأدبي الجديد. ولقد ذكر الموسوي. محسن جاسم، بعضا منها من مثل: ´´الجنان والمقتطف واللطائف والهلال والمشرق´´.الخ وكذلك:´´(منتخبات الروايات ) و(الروايات الجديدة) و(الروايات الكبرى) و)حديقة الروايات).. الرواية العربية النشأة والتحول، س.ذ.
ص.79. وعن الخلفية الفكرية لهذه الحركة في الترجمة والتعريب، ولتلك البعثات العلمية والأدبية العربية إلى أوروبا بوصفها وسائلا للتحديث، يراجع الكتاني.محمد، س. ذ، ص.192-200.
23. تستمد هذه الهموم مشروعيتها من توجسهم خيفة من كل أشكال الاستيلاب والتغريب في أحضان الغرب المستعمر. -
24- بن جلون عبد المجيد، ´´نظرات في القصة ´´، المناهل، عدد.1، 1974.
25-ومن هؤلاء، جمال غيطانى في روايته: الزيني بركات. إميل حبيبي في أبي النحس المتشانل، يحيى الطاهر عبد الله في قصصه :
حكايات للأمير حتى ينام ..الخ. الموسوي. س.ذ ، ص . 36.
25-م.باختين، الخطاب الروائي، س.ذ ص. 17
26- باختين. ميخائيل، استيتيقا الروا ية ونظريتها، والنص مأخوذ من
ترجمة محمد برادة للخطاب الروائي لباختين، ص .16.
27-نضع بورجوازية متوسطة بين مزدوجتين، وفئات اجتماعية بدلا من طبقات اجتماعية برجوازية، لصعوبة نقل هذا المصطلح من يدانه الأصلي، الغرب الأوروبي. وسحبه على حالة المغرب الاجتماعية والتاريخية للحقبة التي نتحدث عنها.
28- عن السلفية المغربية، تراجع محاضرة أحد كبار اقطابها، محمد علال الفاسي، ´´الحركة السلفية في المغرب ´´، دروس في الحركة السلفية (المشرق والمغرب العربيين )، منشورات عيون، د.ت، ص. 125-143. وكذلك، العلوي. سعيد بن سعيد، دراسة في أصول ا لفكر السلفي في المغرب، ط .1،1992، ص .67-96
29- بنجلون .عبد المجيد ، في الطفولة ، ط .1، البيضاء،1957
30- غلاب. عبد الكريم ، سبعة أبواب ، طرابلس، 1984
31- غلاب. عبد الكريم، دفنا الماضي، بيروت، 1966
32- غلاب. عبد الكريم، المعلم علي، ط.4، الدار البيضاء1984.
33- البكري أحمد السباعي، المخاض، دار الكتاب، البيضاء، 1972.
34- الحبابي. محمد عزيز، جيل الظمأ، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، طبعة جديدة ، 1982.
35-زفزاف. محمد، المرأة والوردة، الدار المتحدة،1972.
- ´قبور في الماء، الدار العربية للكتاب ، تونس ، 1978
- بيضة الديك، منشورات الجامعة، 1984.
- الأفعى ولبحر، ط.1، ا لدار البيضاء،1979.
36. ربيع. مبارك، الطيبون، دار الكتاب، البيضاء1972.
37- علوش سعيد، إميلشيل، منشورات الزمن المغربي، ه 198.
38-العروي. عبد الله ، الغربة واليتيم، روايتان ،ط . 3، المركز الثقاقي العربي، البيضاء 1983.
39- برادة. محمد، لعبة النسيان، دار الأمان، الرباط، 1987.
0 4- بهوتش. ياسين، آيام العدس، المركز العربي، البيضاء 1983.
41. الهرادي. محمد، أحلام بقرة، منشورات دارالخطابي، البيضاء 1988.
42. شغموم. الميلودي، عين الفرس، دار الآما ن، الربا ط، 1988
43- غلاب. عبد الكريم، عن الأدب والأدباء، دار الكتاب، البيضاء، 1974، ص.92.
44. التركلى. نهاد، اتجاهات النقد الفرنسى المعاص، منشورات وزارة الثقافة والفنون، العراق، 1979، ص.16.
45- نفسه، ص، 13.
46.أبو منصور. فؤاد، النقد البنيوي الحديث. بين لبنان وأوروربا، دار الجيل ييروت، 1985،ص.36.
47- الناقوري. إدريس ، المصطلح المشترك ، دار النشر المغربية ، 1977، ص22.
48- ماشيري، نقلا عن بيير زيما، النقد الاجتماعي، تر. عايدي لطفي، مراجعة، أمينة رشيد وسيد بحراوي، دار الفكر للدراسات والنشرو التوزيعا، القاهرة،1991، ص. 59.
49. الناقوري، المصطلح المشترك، ص. 16
.5- نفسه، ص. 153.
51. الناقوري. إدريس ، ضحك كالبكاء ، دارالنشر المغربية ، البيضاء، 1985، ص.184.
52- نفسه، ص. 204.
53-الشاوي عبد القادر، سلطة الواقعية، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق، 1981، ص.195.
55- نفسه، ص. 329.
56- نفسه، ص. 343.
57- Goldman. Lucien Marxisme et sciences humaines, Gallimard, Paris, 1970.
58- Goldman. Lucien recherches dialectiques, Gallimard, Paris, 1959, p. 31.
58- الحميداني. حميد،الرواية المغربية ورؤية الواقع الاجتماعي، دار اثتقافة، البيضاء ، 1985 ، ص . 2 ا.
Pour une sociologie de roman, éd, Gallimard, Paris, .1964,p.42.
59-لحمبدانى. حميد الرواية المغربية ورؤية الواقع الاجتماعي، ص.382
60- نفسه، ص. 332.
61-Barth. Roland, Essais, critiques, Seuil, Paris 1969, p. 157.
62- بنيس. محمد، ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب. مقاربة بنيوية تكوينية، ط .1، دار العودة ، بيروت ، 1979.
63- الحميداني، س. ذ.
64. غولدمان . لوسيان، المنهجية في علم اجتماع الآداب، تر. المسناوي. مصطفة، ط . 1، البيضا،1979. والكتاب في الأصل هوالفصل الثاني من: Goldman. Lucien Marxisme et sciences humaines, Gallimard, Paris, 1970.
ا-بنحدو. رشيد، الرواية والواقع، عيون المقالات، البيضاء، 1988. تر لأشغال الندوة :
"Problèmes d'une sociologie du roman", in, revue de l'institut de sociologie,N°2 1963 Université de Bruxelles.
البنيوية التكوينية والنقد الأدبي، عدد خاص من مجلة أفاق، اتحاد كتاب المغرب. أعادت نشره تحت نفس العنوان، مؤسسة الابحاث العربية، بيروت، 1984.
65- بنكراد. سعيد، مدخل إلى السيميائيات السردية، ط.1، 1994.
66. حنون. مبارك، دروس في السيميائيات، دار توبقال، ط.1،1987.
67-مفتاح. محمد،-في سيمياء الشعر القديم. دراسة نظرية وتطبيقية دار الثقافة، البيضاء ، 1989.
- تحليل الخطاب الشعري استراتيجية التناص، المركز الثقافي العربي، ط.1،1985.
- دينامية النص، المركز الثقافي العربي، ط .2، بيروت .199.
68- السرغيني. محمد، محاضرات في ا لسيميولوجيا، دار الثقافة، الببضاء، 1987.
69- مدخل إلى السميائيات السردية، س.ذ، ص94
70- نشير بهذه الملاحظات إلى أعمال محمد مفتاح المذكورة سابقا.وبصفة خاصة إلى دينامية النص.
71- Rastier. François, Sémantiquer interprétative, P.U.F. Paris, 1970.